صحة الرجل ... متلازمة الالتهابات الجنسية والعقم (GTIS)
يعد فشل او عدم قابلية الحيوان المنوي على الإنجاب، ان كان ذلك عن طريق الجماع او عن طريق التلقيح الاصطناعي (الأنبوني او المجهري) من اكثر حالات العقم المرضية انتشارا في الوقت الحاضر. ويرجع السبب في ذلك الى ارتفاع نسبة الاصابات الالتهابية الجرثومية او الفيروسية المزمنة
Genital tract inflammatory syndrom (GTIS) أو غيرها للجهاز التناسلي وخاصة التهابات البروستاتا والحويصلة المنوية او البربخ، وذلك اما بسبب: عدم القدرة على تشخيصها وعلاجها الصحيح والمبكر بصورة دقيقة وعلمية طبية تخصصية حديثة وجذرية صحيحة. عدم مراعاة المريض نفسه للمرض وعلاجه او الوقاية منه مبكرا. وبما ان بعض هذه الالتهابات قد لا تسبب أي آلام او اعراض عند المريض في بعض الاحيان، فان مصير الاصابة لكي تكون مزمنة يصبح امرا لا محال منه.
وفي الحالة المزمنة تحدث تغيرات باثولوجية وضارة في السائل المنوي نفسه، والتي تؤدي بدورها الى عدم القابلية للإنجاب وعدم المقدرة على تلقيح او إخصاب البويضة، وكذلك حتى نموها اذا حدث الاختراق للبويضة عن طريق التلقيح الأنبوبي او المجهري (IVF.or . ICSI) وذلك بسبب ارتفاع نسبة الكريات البيض كرد فعل مناعي ضد الاصابة الجرثومية او الفيروسية الالتهابية للأعضاء التناسلية المذكور (LEUCOCYTOSPERMIA) حيث ان وجود 6-5 كريات بيضاء في الملليمتر الواحد من السائل المنوي تدل: اولا: على الالتهاب المزمن. ثانيا: على رد فعل مناعي ذاتي يتكون في السائل من جرائه نوع من الأكسجين التفاعلي والمسمى علميا ب ال (REACTIVE OXYGEN SPECIES)، كما تتكون أكسدة شحمية فائقة الفاعلية تسمى علميا ب ال (LIPID PEROXIDATION)، والتي تؤدي بدورها الى الأذى والتلف التأكسدي على حيوية ومورفولوجية الحيوان المنوي نفسها،
كما تؤدي في نفس الوقت الى تلف في الحامض النووي الريبي المنقوص الأكسجين ال د ن أ (DNA) للنطف ونقص في الانزيمات المضادة للتأكسد (ANTIOXIDANT ENZYMES). وإذا استمرت هذه الحالة من دون علاج خاص فسوف يحدث العقم وذلك للأسباب التالية: قلة في حركة الحيوان المنوي وذلك من جراء تلف في الأهداب المهتزة في رأس الحيوان المنوي من جراء التفاف هذه حول نفسها ومن جراء ذلك تتعرقل الحركة ويتعرقل الاختراق للبويضة نفسها. إحباط وانخفاض فعاليات الأنزيمات المضادة للتأكسد داخل السائل المنوي وهذا يؤدي الى تلف خيط الحامض النووي(د.ن.أ) للنطف حيث يقلل هذا بدوره الإعادة الخلوية للنطف (REPLICATION) وهذا يؤدي الى تأخير نضوج خلية الحيوان المنوي (RETARDATION OF MATURATION) ومن ثم الى تأخير تكون النطف (GENERATING OF SPERMATOZOA). قصور او عدم قابلية الاكروسوم (ACROSOM) الموجودة عادة في رأس الحيوان المنوي على اختراق جدار البويضة وذلك بسبب فقدان الأنزيمات اللازمة او انخفاض في فعالياتها في رأس الحيوان المنوي حيث يحدث العقم ويفشل كل تلقيح ان كان تقليدياً، مجهرياً او أنبوبياً إذا لم تعالج الالتهابات اولاً. انخفاض في نسبة الحيوانات المنوية الحية والفعالة وذلك بسبب موت أكثرية الحيوانات المنوية في السائل المنوي وكذلك بسبب ارتفاع نسبة التكسر في خيوط الحامض النووي من جراء الالتهابات المزمنة وزيادة نسبة مادة ال (ROS) في السائل المنوي، حيث ان هذه الظاهرة تحث على انهيار الخلايا وموتها (NECROSPERMIA) وذلك بسبب ارتفاع نسبة الظاهرة الانتحارية للخلية المنوية (APOPTOTIC PHENOMENOM) تعتبر ظاهرة حساسة للإنجاب ومرتبطة في المتلازمة الالتهابية المزمنة. ومن الجدير بالذكر ان استعمال طريقة الغسل الحبيبية للسائل المنوي او ما يسمى الطفأ (SWIM - UP .TECHNIQUE) في عملية التلقيح الاصطناعي تؤدي الى تلف الحامض النووي للحيوانات المنوية (DNA DAMAGE)، كما ان تلف الخلية الجنسية الذكرية قد يؤدي الى اختلالات مرضية للجنين مثل عدم الانفصال (NON- DISJUNCTIONS)، وهذا يؤدي بدوره الى توقف تطور نمو الجنين حيث تحدث هنا نهاية مبكرة للحمل (EARLY PREGNANEY TERMINATION). وللأهمية القصوى يجب ان نفهم اهم التغيرات الباثولوجية التي تحدث في الحيوان المنوي والتي تؤدي بدورها الى فشل الإخصاب ان كان طبيعيا او اصطناعيا (مجهريا او انبوبيا) في حالة وجود هذه المتلازمة الالتهابية المزمنة في الجهاز التناسلي للرجل، حيث ان التغيرات الباثولوجية للنطف لها عواقبها التشويهية الخلقية والجينية للجنين وكذلك للأجيال القادمة من هؤلاء الأطفال، وعلاوة على ذلك يجب اجراء التحليل الكروموزومي لهؤلاء الرجال الذين يعانون في نفس الوقت من نقص في عدد الحيوانات المنوية في السائل المنوي ما تحت العشرة ملايين حيوان منوي في الملليمتر الواحد وفي نفس الوقت ارتفاع في كمية هرمون حث للجريبات (FSH) ما فوق ال (IOIU/L) تؤدي الى تقييم سبب العقم من ناحية التغيرات الباثولوجية حيث توجد بنسبة 15-7% عند هؤلاء الرجال تغيرات باثولوجية في الانتصاف الخلوي (MIOSIS) أثناء نشوء الخلية الجنسية، وهذه تؤدي بدورها الى شذوذ اما في ازدواج كرموزومات كاملة، او كروموزمات غير مزدوجة لوحدها، او يصاب جزء من الكروموزوم، وعلاوة على ذلك يمكن بواسطة التحليل الكرموزمي تخمين مخاطر الإجهاض او موت الجنين، وكذلك التشوهات الخلقية عند هؤلاء الأطفال في حالة اللجوء الى التلقيح المجهري. وقد لوحظ عدم وجود الحويصلة الجنسية وغيرها من التشوهات التي تؤدي بدورها الى توقف الانتصاف الخلوي الجنسي، كما تؤدي الى توقف تكون الحيوانات المنوية نفسها في الخصية، في حين ان حدوث اضطرابات في الانقسام (SEGREGATION) يعني اضطرابا في انفصال الكرموزمات المتطايفة، وقد تتكون هنا خلية جنسية غير متساوية الصبغة (ANEUPLOIDY)، وإذا تم تلقيح هذه الخلية الجنسية مجهريا (ICSI) فان احتمال الإجهاض او ولادة طفل مصاب بشذوذ كروموزومي يكون كبيرا جدا. ولهذا فان التحليل الكروموزومي بعد اخذ عينة من السائل المنوي او من الخلية الجنسية غير الناضجة عن طريق خزعة خصيوية وبطريقة صبغ خاصة يمكنها ان تشخص التغيرات الكروموزومية تحت المجهر في جميع مراحل الانتصاف (MIOSIS) حيث يتم تشخيص الشذوذ الازدواجي بنسبة 50% عند الرجال الذين يعانون من توقف تكوين النطف.
وقد لاحظ بعض الباحثين ان نسبة 38% من هؤلاء الرجال الذين يعانون من العقم والذين وجد عندهم قلة في العدد والحركة للحيوانات المنوية (OLIGOASTHENOSPERMIA) وبكمية ما تحت المليون ونصف المليون حيوان منوي في الملليمتر الواحد من السائل المنوي، ولديهم في نفس الوقت ارتفاع في كمية ال FSH في الدم مافوق ال IU/L 10 يكون عندهم خلل في الانتصاف الخلوي الجنسي (MIOSIS - DISTURBANCE)، وهذا بدوره يؤدي الى عدم الانفصال (NON- DISJUNCTION) حيث يتوقف تطور نمو الجنين في هذه الحالات او يكون هنا نهاية مبكرة للحمل (EARLY PREGNANCY TERMINATION). واخيرا وليس آخرا، هنالك والحمد لله توجد الآن خطط استراتيجية اكلينيكية لعلاج هذه الحالات الالتهابية الجنسية المزمنة والمؤدية الى العقم حيث توجد الآن أنزيمات فعالة وكذلك كابحات للأروماتاز (AROMATASE INHIBTORS) ذات الفعالية المثبوته اكلينيكيا لتحسين نوعية وكمية وحركة الحيوانات المنوية والسائل المنوي نفسه المتأثرة من الالتهابات الجنسية المزمنة وهذه تساعد على الإخصاب والإنجاب ان كان طبيعيا او مجهرياً او أنبوبياً ومن دون أي تشوهات خلقية ان شاء الله، وفي نفس الوقت توجد الآن مواد حديثة لتنشيط البويضة وذلك بعد وضعها في سائل خاص يحتوي على مادة تعوض النقص الأنزيمي في رأس الحيوان المنوي في حالة قصور الاكروزوم وبذلك يمكن تخطي عقبة عدم قدرة الحيوان المنوي على تنشيط البويضة للانقسام او تكوين الجنين من جراء الالتهابات الجنسية المزمنة اذا لم تنجح الخطوات العلاجية الأولية المذكورة اعلاه