ولما كان الطب ضرورة شرعية وواجبا، فعلى المشرع أن يكفل ما يقوم به.
والقاعدة الشرعية أن ما لا يقوم الواجب إلا به فهو واجب.
وعلى قدر الضرورة إذن تنحسر بعض القواعد الشرعية العامة تحقيقا للمصلحة..
ويشرع الاستثناء اللازم في مجال الأعداد لمهنة الطبابة، كمثل ما يكون من الإطلاع على جسم الإنسان ودراسته ظاهرا وباطنا، حيا وميتا، ودون أن يخل ذلك بالاحترام والتكريم الذي يستحقه الإنسان حيا وميتا، وفى نطاق من تقوى الله ومراقبته، وبالقدر والمنهاج الذي يراه أهل الاختصاص من الثقات المسلمين ضروريا ووافيا بجلب المصلحة.
ويدخل في المحافظة على حياة الإنسان المحافظة على كرامته وعلى شعوره وعلى حيائه وعلى عورته وعلى أهليته للاهتمام الكامل والرعاية النفسية والطمأنينة الكاملة وهو بين يدي طبيبه.
وما يباح للطبيب من استثناء من بعض القواعد العامة ملازم لمزيد من المسئولية والواجب يقدره حق يقدره ويؤدى فيه حق الله في تقوى و إحسان.
والإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك.
أما أن الطبابة يباح فيها ما لا يباح في غيرها من إطلاع على الأجسام و العورات فلأن الضرورات تبيح المحظورات، ولأنه يجري مجرى من اضطر في مخمصة غير متجانف لاثم.
وقد كانت الآسيات من المؤمنات مع جيش رسول الله صلى الله عليه وسلم يطببن الرجال ويضمدن الجراح في أي مكان كانت من الجسم وكان ذلك مقبولا لم يثير جدالا ولا غبارا أما أن استقدام الأطباء الأخصائيين من البلاد الأخرى فأمر تحدده الحاجة من المرض و الكفاءة لدى الطبيب.
وقد استعانت "دولة الإسلام من قديم بأطباء. مدرسة جنديسابور من النصارى وأولتهم الرعاية والتكريم ولايغيب عن الأذهان أن دليل النبي صلى الله عليه وسلم، وأبى بكر في رحلة الهجرة كان عبد الله بن أريقط ولم يكن من المسلمين وإنما اختاره النبي عليه الصلاة والسلام لما أنس فيه آهل الثقة وانه خبير بمسالك الطريق.